قال ابن عرقة :" ليس عطف قوله :﴿ولا تكفرون﴾ بدليل على أن الأمر بالشيء ليس نهياً عن ضده وذلك لأن الأمر بالشكر مطلق (أي لأن الأمر لا يدل على التكرار فلا عموم له) فيصدق بشكره يوماً واحداً فلما قال ﴿ولا تكفرون﴾ أفاد النهي عن الكفر دائماً" أ هـ، يريد لأن الفعل في سياق النهي يعم، مثل الفعل في سياق النفي لأن النهي أخو النفي. أ هـ
﴿التحرير والتنوير حـ ٢صـ ٥١﴾
كلام نفيس فى هذا الموضع
قال الراغب : إن قيل ما الفرق بين شكرت لزيد وشكرت زيدا ؟
قيل شكرت له هو أن تعتبر إحسانه الصادر عنه فتثنى عليه بذلك وشكرته إذا لم تلتفت إلى فعله بل تجاوزت إلى ذكر ذاته دون اعتبار أحواله وأفعاله فهو أبلغ من شكرت له، وإنما قال ﴿واشكروا لى ولم يقل واشكرونى علما بقصورهم عن إدراكه بل عن إدراك آلائه كما قال تعالى {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ فأمرهم أن يعتبروا بعض أفعاله فى الشكر لله ﴿ولا تكفرون﴾ بجحد النعم وعصيان الأمر
فان قيل لم قال بعد ﴿واشكروا لى ولا تكفرون﴾ ولم يقتصر على قوله ﴿واشكروا لى﴾ قلنا لو اقتصر على قوله ﴿واشكروا لى﴾ لكان يجوز أن يتوهم أن من شكره مرة أو على نعمة ما فقد امتثل ولو اقتصر على قوله ﴿ولا تكفرون﴾ لكان يجوز أن يتوهم أن ذلك نهى عن تعاطى فعل قبيح دون حث على الفعل الجميل فجمع بينهما لإزالة هذا التوهم، ولأن فى قوله ﴿ولا تكفرون﴾تنبيها على أن ترك الشكر كفران.
فإن قيل : لم قال ﴿ولا تكفرون﴾ ولم يقل : ولا تكفروا لى ؟
قيل : خص الكفر به تعالى بالنهى عنه للتنبيه على أنه أعظم قباحة بالنسبة إلى كفر نعمه فإن كفران النعم قد يعفى عنه بخلاف الكفر به تعالى كذا فى تفسير الراغب الأصفهانى. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١صـ ٣٢٠﴾


الصفحة التالية