وقال أبو السعود :
﴿ وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض ﴾
بيانٌ لاختصاصِ المُلكِ المطلقِ والتَّصرفِ الكُليِّ فيهمَا وفيمَا بينهُمَا بالله عزَّ وجلَّ إثرَ بيانِ تصرفِه تعالَى في النَّاسِ بالإحياءِ والإماتةِ والبعثِ والجمعِ للمُجازاةِ. ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون ﴾ العاملُ في يومَ يَخْسرُ ويومئذٍ بدلٌ منه.
﴿ وترى كُلَّ أُمَّةٍ ﴾ منَ الأُممِ المجموعةِ ﴿ جَاثِيَةً ﴾ باركةً على الركبِ مُستوفزةً، وقُرِىءَ جاذيةً أي جالسةً على أطرافِ الأصابعِ والجَذْوُ أشدُّ استيفازاً منَ الجُثُوّ. وعنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهُمَا جائيةً مجتمعةً وقيلَ : جماعاتٍ من الجُثْوةِ وهيَ الجماعةُ. ﴿ كُلُّ أمَّةٍ تدعى إلى كتابها ﴾ إلى صحيفةِ أعمالها. وقُرِىءَ كُلَّ بالنصبِ على أنَّه بدل من الأولِ وَتُدْعَى صفةٌ أو حالٌ أو مفعولٌ ثانٍ. ﴿ اليوم تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي يقالُ لهم ذلكَ وقوله تعالى :
﴿ هذا كتابنا ﴾ الخ من تمامِ ما يُقالُ حينئذٍ وحيثُ كانَ كتابُ كلِّ أمةٍ مكتوباً بأمرِ الله تعالى أضيفَ إلى نونِ العظمةِ تفخيماً لشأنِه وتهويلاً لأمرِه فهذَا مبتدأٌ وكتابُنا خبرُهُ. وقولُه تعالى :﴿ يَنطِقُ عَلَيْكُم ﴾ أيْ يشهد عليكُم ﴿ بالحق ﴾ من غيرِ زيادةٍ ولا نقصٍ، خبرٌ آخرُ أو حالٌ وبالحقِّ حالٌ من فاعلِ ينطقُ. وقولُه تعالَى ﴿ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ ﴾ الخ تعليلٌ لنطقهِ عليهم بأعمالِهم من غيرِ إخلالٍ بشيءٍ منَها أي إنَّا كُنَّا فيما قبلُ نستكتبُ الملائكةَ ﴿ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في الدُّنيا منَ الأعمالِ حسنةً كانتْ أو سيئةً.


الصفحة التالية
Icon