تسمعون الحفظة يقولون إن كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وهل يكون الاستسناخ إلا من أصل؟ وفي رواية ابن المنذر.
وابن أبي حاتم عنه رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن الآية فذكر نحو ما سمعت ثم قال : هل يستنسخ الشيء إلا من كتاب، وكون الاستنساخ من اللوح قد رواه جماعة عنه، وما ذكرناه يصحح أن يكون هذا القول من الملائكة بدون تأويل ﴿ نَسْتَنسِخُ ﴾ بننسخ كما لا يخفى، وقوله تعالى :
وقوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ ﴾ إلى آخره تفصيل للمجمل المفهوم من قوله تعالى :﴿ يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق ﴾ [ الجاثية : ٢٩ ] أو يجزون من الوعد والوعيد، والمراد بالرحمة الجنة مجازاً والظرفية على ظاهرها، وقيل : المراد بالرحمة ما يشمل الجنة وغيرها والأول أظهر ﴿ ذلك ﴾ الذي ذكر من الإدخال في رحمته تعالى :﴿ هُوَ الفوز المبين ﴾ الظاهر كونه فوزاً لا فوز وراءه.
﴿ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءاياتي تتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي فيقال لهم بطريق التقريع والتوبيخ : ألم تكن تأتيكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم فجواب أما القول المقدر، وحذف اكتفاءً بالمقصود وهو المقول وحذفه كثير مقيس حتى قيل هو البحر حدث عنه، وحذف المعطوف عليه لقرينة الفاء العاطفة وأن تلاوة الآيات تستلزم إتيان الرسل معنى، وهذا على ما ذهب إليه الزمخشري والجمهور على أن الهمزة مقدمة من تأخير لصدارتها والفاء على نية التقدير، والتقدير فيقال لهم : ألم تكن الخ فليس هناك سوى حذف القول، وفي "الكشف" لو حمل على أن المحذوف فيوبخون لدلالة ما بعده عليه، وفائدة هذا الأسلوب مع أن الأصل فيدخلهم في عذابهم الدلالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة والكافرون بعد في الموقف معذبون بالتوبيخ لكان وجهاً ﴿ فاستكبرتم ﴾ عن الإيمان بها ﴿ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ﴾ قوماً عادتهم الإجرام.