وقال يحيى بن سلام : ذلك خاص بالكفار، تدعى إلى كتابها المنزل عليها، فتحاكم إليه، هل وافقته أو خالفته؟ أو الذي كتبته الحفظة، وهو صحائف أعمالها، أو اللوح المحفوظ، أو المعنى إلى ما يسبق لها فيه، أي إلى حسابها، أقوال.
وأفراد كتابها اكتفاء باسم الجنس لقوله :﴿ ووضع الكتاب ﴾ ﴿ اليوم تجزون ﴾، ﴿ هذا كتابنا ﴾، هو الذي دعيت إليه كل أمة، وصحت إضافته إليه تعالى لأنه مالكه والآمر بكتبه وإليهم، لأن أعمالهم مثبتة فيه.
والإضافة تكون بأدنى ملابسة، فلذلك صحت إضافته إليهم وإليه تعالى
﴿ ينطق عليكم ﴾ : يشهد بالحق من غير زيادة ولا نقصان.
﴿ إنا كنا نستنسخ ﴾ : أي الملائكة، أي نجعلها تنسخ، أي تكتب.
وحقيقة النسخ نقل خط من أصل ينظم فيه، فأعمال العباد كأنها الأصل.
وقال الحسن : هو كتب الحفظة على بني آدم.
وعن ابن عباس : يجعل الله الحفظة تنسخ من اللوح المحفوظ كل ما يفعل العباد، ثم يمسكونه عندهم، فتأتي أفعال العباد على نحو ذلك، فبعيد أيضاً، فذلك هو الاستنساخ.
وكان يقول ابن عباس : ألستم عرباً؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل؟ ثم بين حال المؤمن بأنه يدخله في رحمته، وهو الثواب الذي أعد له، وأن ذلك هو الظفر بالبغية ؛ وبين الكافر بأنه يوبخ ويقال له :﴿ أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم ﴾ عن اتباعها والإيمان بها وكنتم أصحاب جرائم؟ والفاء في : أفلم ينوي بها التقديم ؛ وإنما قدمت الهمزة لأن الاستفهام له صدراً الكلام، والتقدير : فيقال له ألم.
وقال الزمخشري : والمعنى ألم يأتكم رسلي؟ فلم تكن آياتي تتلى عليكم، فحذف المعطوف عليه. انتهى.
وقد تقدم الكلام معه في زعمه أن بين الفاء والواو، إذا تقدمها همزة الاستفهام معطوفاً عليه محذوفاً، ورددنا عليه ذلك.
وقرأ الأعرج وعمرو بن فائد :﴿ وإذا قيل إن وعد الله ﴾، بفتح الهمزة، وذلك على لغة سليم ؛ والجمهور : إن بكسرها.