وقال أبو السعود :
﴿ وَبَدَا لَهُمْ ﴾
أي ظهرَ لَهُم حينئذٍ ﴿ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ ﴾ على ما هيَ عليهِ من الصُّورةِ المُنكرةِ الهائلةِ وعاينوا وخامةَ عاقبتِها أو جزاءَها فإنَّ جزاءَ السيئةِ سيئةٌ ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ من الجزاءِ والعقابِ.
﴿ وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ ﴾ نترككُم في العذابِ تركَ المنسيِّ ﴿ كَمَا نَسِيتُمْ ﴾ في الدُّنيا ﴿ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا ﴾ أيْ كَما تركتُم عِدتَهُ ولم تُبالُوا بهِ، وإضافةُ اللقاءِ إلى اليومِ إضافةُ المصدرِ إلى ظرفِه. ﴿ وَمَأْوَاكُمُ النار وَمَا لَكُمْ مّن ناصرين ﴾ أي مَا لأَحدٍ منكُم نَاصِرٌ وَاحِدٌ يخلصكُم منَها ﴿ ذلكم ﴾ العذابُ ﴿ بِأَنَّكُمُ ﴾ بسببِ أنَّكْم ﴿ اتخذتم ءايات الله هُزُواً ﴾ مَهْزوءاً بَها ولم ترفعوا لها رأساً ﴿ وَغَرَّتْكُمُ الحياة الدنيا ﴾ فحسبتُم أنْ لا حياةَ سواهَا ﴿ فاليوم لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا ﴾ أيْ من النَّارِ. وقُرِىءَ يَخرجُون من الخُروجِ. والالتفاتُ إلى الغَيبةِ للإيذانِ بإسقاطِهم عن رُتبةِ الخطابِ استهانةً أو بنقلِهم من مقامِ الخطابِ إلى غيابةِ النارِ ﴿ ولاهم يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ أي يُطلبُ منهم أنْ يُعتبوا ربَّهم أيْ يُرضُوه لفواتِ أوانِه.
﴿ فَلِلَّهِ الحمد ﴾ خاصَّة ﴿ رَبّ السموات وَرَبّ الأرض رَبّ العالمين ﴾ فلا يستحقُ الحمد أحدٌ سواهُ، وتكريرُ الربِّ للتأكيدِ والإيذانِ بأنَّ ربوبيتَهُ تعالى لكُلَ منَها بطريقِ الأصالةِ. وقُرِىءَ برفعِ الثلاثةِ على المدحِ بإضمارِ هُو ﴿ وَلَهُ الكبرياء فِى السموات والأرض ﴾ لظهورِ آثارِها وأحكامِها فيهما، وإظهارُهما في موقعِ الإضمارِ لتفخيمِ شأنِ الكبرياءِ ﴿ وَهُوَ العزيز ﴾ الذي لا يُغلبُ ﴿ الحكيم ﴾ في كلِّ ما قضَى وقدَّر فاحَمدوه وكبروه وأطيعُوه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾