إن محمدا عندما تلا كتابه على الناس دفعهم إلى توحيد الله والإخلاص له والتفانى فى مرضاته وذكره بالغدو والآصال، فهل يعاقبه الله على ذلك؟ وكان إمامهم فى العبودية والتوكل والصبر والأمل فى الآخرة، فهل يلام على ذلك؟ وما قرأت كتابا منسوبا إلى السماء يحدو إلى ذى الجلال والإكرام ويورث إعظامه ومحبته مثل ما قرأت فى هذا الكتاب الكريم، فهل ذلك ذنب محمد؟ إن القول بأن القرآن من وضع محمد يستحيل أن يصدر عن فكر سليم! وقد أصر على ذلك الجاهلون الماديون الذين ينكرون أن لله وحيا، وأن له رسلا. فبماذا أجيبوا؟ " قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين ". عندما شرع يشق طريق البلاغ، لم يكن يدرى ما نتيجة هذه المعركة بينه وبين أعداء الحقيقة، ولكنه صدع بأمر الله مستندا إليه آويا إلى ركنه الشديد فانتصر بعد لأى، وظل حتى آخر رمق مسبحا بحمده مشيدا بمجده، حتى لحق بالرفيق الأعلى. فهل هذه حياة دعى يفترى على الله؟ ما يكون الصدق إذن؟ وليس لأهل مكة عذر فى إنكار النبوات، فإن اليهود فى المدينة يتبعون موسى كما يزعمون، وصالحو اليهود استيقنوا من رسالة محمد، فلا مساغ لإنكار الوحى جملة، ولا لإنكاره على محمد خاصة " قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ". وفى عصرنا هذا جماهير تنكر نبوة محمد، وأغلبهم لا يؤمن بالله أصلا، فإصلاحهم يبدأ من تعليمهم أم الحقائق، أى من تعريفهم بالله الخالق تبارك اسمه. أما أهل الكتاب الأولون، فصلتهم بكتبهم غامضة، ويستحيل أن يوجد موحد صادق المعرفة لله يكره محمدا!! لم يكر رجلا يقول للناس " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون " ؟ إنه يطلب من الناس الإيمان والاستقامة، ويؤمهم فى