فلم يبق إلا أن يأتيهم ما استعجلوه! ونظروا إلى الآفاق فرأوا غيما مقبلا، فاستبشروا بالمطر الذى يرتقبونه من سنين! " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ". لقد هلك الأحياء وبقيت البيوت خاوية موحشة..!! وعاد أقوى من قريش فهل تغالب القدر؟ ألا ترعوى؟ ولكن البشر يمنعهم من الإيمان أنهم أناموا عقولهم وغطوا عيونهم وأصموا آذانهم، فصاروا أضل من الحيوان الأعجم " ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون". وقريش تسكن وسط الجزيرة العربية، وتمر بمدائن صالح المخربة، وبقرى قوم لوط التى جعل عاليها سافلها، وتعرف ما وقع لسبأ وقوم تبع، فهل أجدت عليهم أوثانهم؟ " بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ". وبقدر ما كان عناد أهل مكة تكاثر ضرب الأمثال وسوق النذر، والقرآن مشحون بما يسرى الأحزان عن قلب أمير الأنبياء وبما يوفر للدعاة - إلى آخر الدهر - خطط الدفاع عن الحق، وإبقاء أشعته هادية!! ثم ذكرت سورة الأحقاف أنه إذا كان بعض الإنس لم يستجب للقرآن الكريم، فإن نفرا من الجن استمع إليه واهتدى به، أفلا يدفعهم ذلك إلى التأمل والتروى ؟ والحديث عن الجن ذو شجون. فإن الخرافيين من الناس يهرعون إلى خيمة الغيبيات ليطلقوا العنان لأخيلتهم وينطلقوا مع عوجهم العقلى. إن القرآن يتحدث عن الشيطان فيقول " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم". فيجىء هؤلاء ليؤلفوا كتبا عن حياة الجن، وعن التزاوج بينهم وبين البشر! وعن أسلوب تسخيرهم... إلخ. وبقدر ما ينطلقون مع هذا اللغو، يقفون خرسا أمام الحق الذى خلقت به السموات والأرض، وشمل الذرة والمجرة، فلا يكتشفون له قانونا ولا يفيدون منه شيئا. وهل نهض