هذا إذا كانوا أصناما أو كواكب، أما إذا كانوا من ذوي العقول فإن كانوا من المقربين المقبولين عند اللّه كعيسى والمسيح وعزير والملائكة فلاشتغالهم عنهم بما هو خير، أو كونه بمحل ليس من شأنه الذي فيه أن يسمع دعاء الداعي، لأن اللّه تعالى يصون سمعهم عن سماع دعائه، لأن ما لا يرضاه اللّه يؤلمهم سماعه، وإن كان لا يضره لأنه لم يأمر به ولم يرده، ويتنزه اللّه تعالى عن مثله، وإن كان من أعداء اللّه كشياطين الجن والإنس الذين عبدوا من دون اللّه فإن كان ميتا فلاشتغاله بما هو فيه من الشر لو فرض سماعه، والميت ليس من شأنه السماع ولما يتحقق منه السماع إلا معجزة كسماع أهل القليب لقوله صلّى اللّه عليه وسلم ما أنتم بأسمع منهم وما جاء في السلام على الأموات وأنهم يردون السلام فذلك من قبل أرواحهم الخالية عن أجسادهم، لأن الأرواح كلها خالدة المنعم منها والمعذب، وهؤلاء المتخذين للعبادة ليسوا بأولئك، وإن كان حيا فإن كان بعيدا عنه فالأمر ظاهر بعدم السماع وإن كان قريبا سليم الحاسة فلا فائدة من إجابته، إذ لا يقدر على إجابة طلبه.
قال تعالى "وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ" العابدون والمعبودون "كانُوا" أي المعبودون "لَهُمْ" لعابديهم "أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ" ٦ جاحدين لها منكريها يقولون كما أخبر اللّه عنهم (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) الآية ٦٣ من سورة