وتمام القصة مبينة في الآية ٥٨ من سورة هود المارة فراجعها وما ترشدك إليه، قال تعالى "وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ" أي قوم عاد "فِيما" في شيء عظيم "إِنْ" نافية بمعنىّ ما أي ما "مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ" يا أهل مكة من قوة الأبدان وطول الأعمار وكثرة الأموال "وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً" يستعملونها فيما خلقت لها من النظر في آلاء اللّه ليفقهوا أمر دينه فصرفوها لغير ما خلقت لها من أمور الدنيا الصرفة "فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ" يحول دون ذلك العذاب لأنهم استعملوها في معصية اللّه، فكان وجودها نقمة لا نعمة "إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ" التي أظهرها على أيدي أنبيائهم "وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ" ٢٦ أحاط بهم العذاب جزاء سخريتهم، وفي هذا تهديد لأهل مكة ووعيد كبير لما يجابهون به نبيهم، "وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى " بإهلاك أهلها كديار ثمود وقرى قوم لوط وحجر صالح وقرى عاد باليمن، وإنما خاطب أهل مكة بهذا لأنهم يرونها بأسفارهم وحلة الشتاء والصيف "وَصَرَّفْنَا" بينا وكررنا "الْآياتِ" الدالة على التوحيد والبعث والأوامر والنواهي "لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ٢٧ إلى الإيمان بذلك، فلم يفعلوا وأصروا على كفرهم "فَلَوْ لا" هلا "نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً" يتقربون بها إلى اللّه ليشفعوا لهم عنده فعبدوها من دونه.


الصفحة التالية
Icon