وفي هذه الآيات دلالة ظاهرة واضحة على عموم رسالته صلّى اللّه عليه وسلم إلى الجن، وعلى أن الجن هم رسله إلى قومهم كرسل سيدنا عيسى عليه السلام، كما أشرنا إليه في الآية ٢٨ من سورة سبأ وفيها ما يرشدك إلى الآية ١٥٨ من سورة الصافات والآية ١٢٨ من سورة الأنعام المارات فيما يتعلق بهذا وغيره فراجعها تجد ما تريده إن شاء اللّه.
أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن الحبر أنه قال :
صرفت الجن إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مرتين.
وقد نقلنا في القصة على ما ذكره الخفاجي أن الأحاديث دلت على أن وفادة الجن كانت ستة مرات، وبذلك يجمع بين الاختلاف الوارد في الروايات بأن كان عددهم سبعة، وقيل تسعة، وقيل اثنى عشر، وقيل ثلاثمائة، وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أنهم اثنا عشر ألفا، وعن مجاهد أنهم واحد وأربعون، وهذا الاختلاف في العدد أيضا يدل على أن لقاءهم بحضرة الرسول كان ست مرات وكل راو روى عددا مما ذكر، وكما وقع الاختلاف في الوفادة والعدد والمكان وقع الاختلاف في الزمن، وقدمنا أيضا ما يتعلق فيه أول سورة الجن، وإلى هنا انتهى ما يتعلق بالجن، أما تاريخه فقد أخرج أبو نعيم في الدلائل والواقدي عن أبي جعفر قال : قدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة أي كان أول اجتماعهم به.
هذا واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon