فقوله ﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾ يدلعلى أن المعبود هو الخالق وحده، وقوله تعالى :﴿ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخلق عَلَيْهِمْ قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ الرعد : ١٦ ] الآية. يعني وخالق كل شيء هو المعبود وحده.
وقد أوضح تعالى هذا فى سورة النحل، لأنه تعالى لما ذكر فيها البراهين القاطعة، على توحيده جل وعلا، فى قوله ﴿ خَلَقَ السماوات والأرض بالحق تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ النحل : ٣ ] إلى قوله ﴿ وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل : ١٧ ].
وذلك واضح جداً فى أن من يخلق غيره هو المعبود وأن من لا يخلق شيئاً لا يصح أن يعبد.
ولهذا قال تعالى بعده قريباً منه ﴿ والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [ النحل : ٢٠ ]. وقال تعالى فى الأعراف ﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٩١ ]. وقال تعالى فى الحج ﴿ يا أيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجتمعوا لَهُ ﴾ [ الحج : ٧٣ ] أي ومن لم يقدر أن يخلق شيئاً لا يصح أن يكون معبوداً بحال وقال تعالى :﴿ سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلىلذي خَلَقَ فسوى ﴾ [ الأعلى : ١ - ٢ ] الآية.
ولما بين تعالى فى أول سورة الفرقان، صفات من يستحق أن يعبد، ومن لا يستحق ذلك.
قال فى صفات من يستحق العبادة :﴿ الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ﴾ [ الفرقان : ٢ ].


الصفحة التالية