وقال فى صفات من لا يصح أن يعبد ﴿ واتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [ الفرقان : ٣ ]. الآية والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً وكل تلك الآيات تدل دلالة واضحة على أنه تعالى ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقاً متلبساً بالحق.
وقد بين جل وعلا أن من الحق الذي خلق السماوات والأرض وبينهما، خلقاً متلبساً به، تعليمه خلقه أنه تعالى على كل شئ قدير، وأنه قد أحاط بكل شئ علماً، وذلك فى قوله تعالى :﴿ الله الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ لتعلموا أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا ﴾ [ الطلاق : ١٢ ].
فلام التعليل فى قوله : لتعلموا متعلقة بقوله ﴿ الله الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ الآية وبه تعلم أنه ما خلق السماوات السبع، والأرضين السبع، وجعل الأمر يتنزل بينهن، إلا خلقاً متلبساً بالحق.
ومن الحق الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما خلقاً متلبساً به، هو تكليف الخلق، وابتلاؤهم أيهم أحسن عملاً، ثم جزاؤهم على أعمالهم، كما قال تعالى فى أول سورة هود :﴿ وَهُوَ الذي خَلَق السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ هود : ٧ ].
فلام التعليل فى قوله : ليبلوكم متعلقة بقوله ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ وبه تعلم أنه ما خلقهما غلا خلقاً متلبساً بالحق.
ونظير ذلك قوله تعالى فى أول الكهف ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ الكهف : ٧ ]. وقوله تعالى في أول الملك :﴿ الذي خَلَقَ الموت والحياة لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ الملك : ٢ ].


الصفحة التالية
Icon