وقال الآلوسى :
﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ ﴾
أي واضحات أو مبينات ما يلزم بيانه ﴿ قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ ﴾ أي الآيات المتلوة، ووضع موضع ضميرها تنصيصاً على حقيتها ووجوب الإيمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلاً عليهم بكمال الكفر والضلالة.
وجوز كون المراد بالحق النبوة أو الإسلام فليس فيه موضوعاً موضع الضمير، والأول : أظهر، واللام متعلقة بقال على أنها لام العلة أي قالوا لأجل الحق وفي شأنه وما يقال في شأن شيء مسوق لأجله، وجوز تعلقه بكفروا على أنه بمعنى الباء أو حمل الكفر على نقيضه وهو الإيمان فإنه يتعدى باللام نحو ﴿ أَنُؤْمِنُ لَكَ ﴾ [ الشعراء : ١١١ ] وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى ﴿ لَمَّا جَاءهُمْ ﴾ أي في وقت مجيئه إياهم، ويفهم منه في العرف المبادرة وتستلزم عدم التأمل والتدبر فكأنه قيل : بادروا أول سماع الحق من غير تأمل إلى أن قالوا :﴿ هذا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ أي ظاهر كونه سحراً، وحكمهم بذلك على الآيات لعجزهم عن الإتيان بمثلها، وعلى النبوة لما معها من الخارق للعادة، وعلى الإسلام لتفريقه بين المرء وزوجه وولده.
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افتراه ﴾ إضراب وانتقال من حكاية شناعتهم السابقة إلى حكاية ما هو أشنع منها وهو الكذب عمداً على الله تعالى فإن الكذب خصوصاً عليه عز وجل متفق على قبحه حتى ترى كل أحد يشمئز من نسبته إليه بخلاف السحر فإنه وإن قبح فليس بهذه المرتبة حتى تكاد تعد معرفته من الأمور المرغوبة، وما في ﴿ أَمْ ﴾ المنقطعة من الهمزة معنى للإنكار التوبيخي المتضمن للتعجب من نسبته إلى الافتراء مع قولهم : هو سحر لعجزهم عنه، والضمير المنصوب في ﴿ افتراه ﴾ كما قال أبو حيان ﴿ لِلْحَقّ ﴾ [ الأحقاف : ٧ ] الذي هو الآيات المتلوة، وقال بعضهم : للقرآن الدال عليه ما تقدم أي بل أيقولون افتراه.