ولما كان الكتاب قد تقوم الأدلة على مصادقته لكتب الله ويكون بغير لسان المكذب به فيكون في التكذيب أقل ملامة، احترز عن ذلك بقوله :﴿لساناً﴾ أي أشير إلى هذا المصدق القريب منكم زماناً ومكاناً وفهماً حال كونه ﴿عربياً﴾ في أعلى طبقات اللسان العربي مع كونه أسهل الكتب تناولاً وأبعدها عن التكليف، ليس هو بحيث يمنعه علوه بفخامة الألفاظ وجلالة المعاني وعلو النظم ورصافة السبك ووجازة العبارة، وظهور المهاني ودقة الإشارة مع سهولة الفهم وقرب المتناول بعد بعد المغزى.
ولما دل على أن الكتاب حق، بين ثمرته فقال :﴿لينذر﴾ أي أشير إلى الكتاب في هذا الحال لينذر الكتاب بحسن بيانه وعظيم شأنه ﴿الذين ظلموا﴾ سواء كانوا عريقين في الظلم أم لا، فأما العريقون فهو لهم نذري كاملة، فإنهم لا يهتدون كما تقدم، وأما غيرهم فيهتدي بنذارته ويسعد بعبارته وإشارته، وليبشر الذين أحسنوا في وقت ما ﴿ما﴾ هو ﴿بشرى﴾ كاملة ﴿للمحسنين﴾ لا نذارة لهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالآية من الاحتباك : أثبت أولاً ﴿ينذر﴾ و ﴿الذين ظلموا﴾ دلالة على حذف نحوه ثانياً، ﴿وبشرى﴾ و ﴿للمحسنين﴾ ثانياً دلالة على ﴿نذري﴾ ﴿وللظالمين﴾ أولاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ١٢٠ ـ ١٢٥﴾


الصفحة التالية
Icon