هذا الوجه فلا حاجة بنا إلى أن نقول العلم بهذه الجوابات معجز، والله أعلم.
القول الثاني : في تفسير قوله تعالى :﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِي إسرائيل ﴾ أنه ليس المراد منه شخصاً معيناً بل المراد منه أن ذكر محمد ﷺ موجود في التوراة والبشارة بمقدمه حاصلة فيها فتقدير الكلام لو أن رجلاً منصفاً عارفاً بالتوراة أقر بذلك واعترف به، ثم إنه آمن بمحمد ﷺ وأنكرتم ألستم كنتم ظالمين لأنفسكم ضالين عن الحق ؟ فهذا الكلام مقرر سواء كان المراد بذلك الشاهد شخصاً معيناً أو لم يكن كذلك لأن المقصود الأصلي من هذا الكلام أنه ثبت بالمعجزات القاهرة أن هذا الكتاب من عند الله وثبت أن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم محمد ﷺ ومع هذين الأمرين كيف يليق بالعقل إنكار نبوته.
المسألة الثالثة :
قوله تعالى :﴿على مِثْلِهِ﴾ ذكروا فيه وجوهاً، والأقرب أن نقول إنه ﷺ قال لهم أرأيتم إن كان هذا القرآن من عند الله كما أقول وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثل ما قلت فآمن واستكبرتم ألستم كنتم ظالمين أنفسكم.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
أنه تهديد وهو قائم مقام الجواب المحذوف والتقدير قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به فإنكم لا تكونون مهتدين بل تكونون ضالين.
المسألة الثانية :
قالت المعتزلة هذه الآية تدل على أنه تعالى إنما منعهم الهداية بناء على الفعل القبيح الذي صدر منهم أولاً، فإن قوله تعالى :﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين﴾ صريح في أنه تعالى لا يهديهم لكونهم ظالمين أنفسهم فوجب أن يعتقدوا في جميع الآيات الواردة في المنع من الإيمان والهداية أن يكون الحال فيها كما ههنا، والله أعلم.


الصفحة التالية