ثم قال تعالى :﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
هذه شبهة أخرى للقوم في إنكار نبوّة محمد ﷺ، وفي سبب نزوله وجوه : الأول : أن هذا كلام كفار مكة قالوا إن عامة من يتبع محمداً الفقراء والأراذل مثل عمار وصهيب وابن مسعود، ولو كان هذا الدين خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء الثاني : قيل لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار، قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع لو كان هذا خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم الثالث : قيل إن أمة لعمر أسلمت وكان عمر يضربها حتى يفتر، ويقول لولا أني فترت لزدتك ضرباً، فكان كفار قريش يقولون لو كان ما يدعو محمد إليه حقاً ما سبقتنا إليه فلانة.
الرابع : قيل كان اليهود يقولون هذا الكلام عند إسلام عبد الله بن سلاّم.
المسألة الثانية :
اللام في قوله تعالى :﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ ذكروا فيه وجهين : الأول : أن يكون المعنى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا، على وجه الخطاب كما تقول قال زيد لعمرو، ثم تترك الخطاب وتنتقل إلى الغيبة كقوله تعالى :﴿حتى إِذَا كُنتُمْ فِى الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ [ يونس : ٢٢ ] الثاني : قال صاحب "الكشاف" ﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ لأجلهم يعني أن الكفار قالوا لأجل إيمان الذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه، وعندي فيه وجه الثالث : وهو أن الكفار لما سمعوا أن جماعة آمنوا برسول الله ﷺ خاطبوا جماعة من المؤمنين الحاضرين، وقالوا لهم لو كان هذا الدين خيراً لما سبقنا إليه أولئك الغائبون الذين أسلموا.