﴿ وهما يستغيثان الله ﴾، يقال : استغثت الله واستغثت بالله، والاستعمالان في لسان العرب.
وقد رددنا على ابن مالك إنكار تعديته بالباء، وذكرنا شواهد على ذلك في الأنفال، أي يقولان : الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله :﴿ ويلك ﴾، دعاء عليه بالثبور ؛ والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك.
وقيل : ويلك لمن يحقر ويحرك لأمر يستعجل إليه.
وقرأ الأعرج، وعمرو بن فائدة :﴿ إن وعد الله ﴾، بفتح الهمزة، أي : آمن بأن وعد الله حق، والجمهور بكسرها، ﴿ فيقول ما هذا ﴾ : أي ما هذا الذي يقول؟ أي من الوعد بالبعث من القبور، إلا شيء سطره الأولون في كتبهم، ولا حقيقة له.
قال ابن عطية : وظاهر الفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له، فنفى الله أقواله تحذيراً من الوقوع في مثلها.
وقوله :﴿ أولئك ﴾، ظاهره أنه إشارة إلى جنس يتضمنه قوله :﴿ والذي قال ﴾، ويحتمل أن تكون الآية في مشار إليه، ويكون قوله في أولئك بمعنى صنف هذا المذكور وجنسه هم :﴿ الذين حق عليهم القول ﴾ أي قول الله أنه يعذبهم ﴿ في أمم ﴾، أي جملة :﴿ أمم قد خلقت من قبلهم من الجن والإنس ﴾، يقتضي أن الجن يموتون قرناً بعد قرن كالإنس.
وقال الحسن في بعض مجالسه : الجن لا يموتون، فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت.
وقرأ العباس، عن أبي عمرو : أنهم كانوا، بفتح الهمزة، والجمهور بالكسر.
﴿ ولكل ﴾ : أي من المحسن والمسيء، ﴿ درجات ﴾ غلب درجات، إذ الجنة درجات والنار دركات، والمعنى : منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منها.
قال ابن زيد : درجات المحسنين تذهب علواً، ودرجات المسيئين تذهب سفلاً. انتهى.
والمعلل محذوف تقديره : وليوفيهم أعمالهم قدر جزائهم، فجعل الثواب درجات والعقاب دركات.


الصفحة التالية
Icon