وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ والذى قَالَ لوالديه ﴾
عندَ دعوتِهما لهُ إلى الإيمانِ ﴿ أُفّ لَّكُمَا ﴾ هو صوتٌ يصدرُ عنِ المرءِ عندَ تضجرِه، واللامُ لبيانِ المؤفَّفِ له كمَا في هَيْتَ لكَ. وقُرِىءَ أُفِّ بالفتحِ والكسرِ بغيرِ تنوينٍ وبالحركاتِ الثلاثِ معَ التنوينِ. والموصولُ عبارةٌ عن الجنسِ القائلِ ذلكَ القولَ ولذلكَ أُخبرَ عنه بالمجموعِ كما سبقَ. قيلَ : هُو في الكافرِ العاقِّ لوالديهِ المكذبِ بالبعثِ. وعن قَتَادةَ : هُو نعتُ عبدِ سوءٍ عاقِّ لوالديهِ فاجرٍ لربِّه. وما رُويَ من أنَّها نزلتْ في عبدِ الرَّحمنِ بن أبي بكرٍ رضيَ الله عنهُمَا قبلَ إسلامِه يردُّه ما سيأتِي من قولِه تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ الآيةَ. فإنَّه كانَ من أفاضلِ المسلمينَ وسَرواتِهم، وقد كذَّبتِ الصدِّيقةُ رضيَ الله عنَها مَنْ قالَ ذلكَ. ﴿ أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ ﴾ أُبعثَ من القبرِ بعدَ الموتِ. وقُرِىءَ أَخْرُجَ، من الخُروجِ. ﴿ وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى ﴾ ولم يُبعثْ منهم أحدٌ ﴿ وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله ﴾ يسألانِه أنْ يغيثَهُ ويوفقَهُ للإيمانِ. ﴿ وَيْلَكَ ﴾ أي قائلينَ له ويلكَ، وهو في الأصلِ دعاءٌ عليه بالثبورِ أُريدَ به الحثَّ والتحريضَ على الإيمانِ لا حقيقةَ الهلاكِ. ﴿ ءَامَن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ﴾ أي البعثَ أضافاهُ إليهِ تعالى تحقيقاً للحقِّ وتنبيهاً على خطئهِ في إسنادِ الوعدِ إليهما. وقُرِىءَ أنَّ وعدَ الله أي آمِنْ بأنَّ وعدَ الله حقٌّ ﴿ فَيَقُولُ ﴾ مكذباً لهُما ﴿ مَا هذا ﴾ الذي تسميانِه وعدَ الله ﴿ إِلاَّ أساطير الأولين ﴾ أباطيلُهم التي سَطرُوها في الكتبِ من غيرِ أنْ يكونَ لها حقيقةٌ.


الصفحة التالية
Icon