وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي ﴾
لما ذكر سبحانه من شكر نعمة الله سبحانه عليه، وعلى والديه ذكر من قال لهما قولاً يدلّ على التضجر منهما عند دعوتهما له إلى الإيمان، فقال :﴿ والذى قَالَ لوالديه أُفّ لَّكُمَا ﴾ الموصول عبارة عن الجنس القائل ذلك القول، ولهذا أخبر عنه بالجمع، وأفٍّ كلمة تصدر عن قائلها عند تضجره من شيء يرد عليه.
قرأ نافع وحفص و ﴿ أفٍّ ﴾ بكسر الفاء مع التنوين.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، وابن محيصن بفتحها من غير تنوين، وقرأ الباقون بكسر من غير تنوين وهي لغات.
وقد مضى بيان الكلام في هذا في سورة بني إسرائيل.
[ أي : سورة الإِسراء ]، واللام في قوله :﴿ لَّكُمَا ﴾ لبيان التأفيف، أي : التأفيف لكما، كما في قوله :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ [ يوسف : ٢٣ ] قرأ الجمهور ﴿ أتعدانني ﴾ بنونين مخففتين، وفتح ياءه أهل المدينة ومكة، وأسكنها الباقون.
وقرأ أبو حيوة، والمغيرة، وهشام بإدغام إحدى النونين في الأخرى، ورويت هذه القراءة عن نافع.
وقرأ الحسن، وشيبة، وأبو جعفر، وعبد الوارث عن أبي عمرو بفتح النون الأولى، كأنهم فرّوا من توالي مثلين مكسورين.
وقرأ الجمهور :﴿ أن أخرج ﴾ بضم الهمزة وفتح الراء مبنياً للمفعول.
وقرأ الحسن، ونصر، وأبو العالية، والأعمش، وأبو معمر بفتح الهمزة وضم الراء مبنياً للفاعل.
والمعنى : أتعدانني أن أبعث بعد الموت، وجملة ﴿ وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى ﴾ في محل نصب على الحال، أي : والحال أن قد مضت القرون من قبلي فماتوا، ولم يبعث منهم أحد، وهكذا جملة :﴿ وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله ﴾ في محل نصب على الحال، أي : والحال أنهما يستغيثان الله له، ويطلبان منه التوفيق إلى الإيمان، واستغاث يتعدّى بنفسه وبالباء يقال : استغاث الله، واستغاث به.


الصفحة التالية
Icon