وقال الشيخ الشنقيطى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى :﴿ والذي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أتعدانني أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي ﴾ الآية.
التحقيق إن شاء الله أن، ﴿ الذي ﴾ فى قوله :﴿ والذي قَالَ لِوَالِدَيْهِ ﴾ بمعنى الذين، وأن الآية عامة في كل عاق لوالديه مكذب بالبحث.
والدليل من القرآن على أن الذي، بمعنى الذين، وأن المراد به العموم، أن ﴿ الذي ﴾ فى قوله :﴿ والذي قَالَ لِوَالِدَيْهِ ﴾ مبتدأ خبره قوله تعالى :﴿ أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ الآية.
والإخبار عن لفظة الذين فى قوله ﴿ أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ ﴾ القول بصيغة الجمع، صريح في أن المراد بالذي، العموم لا الإفراد. وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
وبهذا الدليل القرآني تعلم أن قول من قال في هذه الآية الكريمة أنها نازلة في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ليس بصحيح، كما جزمت عائشة رضي الله عنها ببطلانه.
وفي نفس آية الأحقاف هذه دليل آخر واضح على بطلانه، وهو أن الله صرح بأن الذين قالوا تلك المقالة حق عليهم القول، وهو قوله ﴿ ولكن حَقَّ القول مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ ﴾ [ السجدة : ١٣ ].
ومعلوم أن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم وحسن إسلامه، وهو من خيار المسلمين وأفاضل الصحابة، رضي الله عنهم.
وغاية ما في هذه الآية الكريمة هو إطلاق الذي وإرادة الذين، وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب، لأن لفظ الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها، وقد تقرر في علم الأصول أن الموصلات كالذي والتي وفروعهما من صيغ العموم، كما أشار له فى مراقي السعود بقوله :
صيغة كل أو الجميع... وقد تلا الذي التي الفروع


الصفحة التالية
Icon