وقال ابن عاشور :
﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ﴾
سيقت قصة هود وقومه مساق الموعظة للمشركين الذين كذبوا بالقرآن كما أخبر الله عنهم من أول هذه السورة في قوله :﴿ والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾ [ الأحقاف : ٣ ] مع ما أعقبت به من الحجج المتقدمة من قوله :﴿ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ﴾ [ الأحقاف : ٤ ] الذي يقابله قول هود ﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ ثم قوله :﴿ قل ما كنت بِدْعا من الرسل ﴾ [ الأحقاف : ٩ ] الذي يقابله قوله :﴿ وقد خَلَت النذُر من بين يديه ومن خلفه ﴾، ذلك كله بالموعظة بحال هود مع قومه.
وسيقت أيضاً مساق الحجة على رسالة محمد ﷺ وعلى عناد قومه بذكر مثال لحالهم مع رسولهم بحال عاد مع رسولهم.
ولها أيضاً موقع التسلية للرسول ﷺ على ما تلقاه به قومه من العناد والبهتان لتكون موعظة وتسلية معا يأخذ كل منها ما يليق به.
ولا تجد كلمة أجمع للمعنيين مع كلمة ﴿ اذكر ﴾ لأنها تصلح لمعنى الذكر اللساني بأن يراد أن يذكر ذلك لقومه، ولمعنى الذُكر بالضم بأن يتذكر تلك الحالة في نفسه وإن كانت تقدمت له وأمثالها لأن في التذكر مسلاة وإسوة كقوله تعالى :﴿ اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد ﴾ في سورة ص ( ١٧ ).
وكلا المعنيين ناظر إلى قوله آنفاً قل ما كنت بدعاً من الرسل } فإنه إذا قال لهم ذلك تذكروا ما يعرفون من قصص الرسل مما قصّه عليهم القرآن من قبل وتذكر هو لا محالة أحوال رسل كثيرين ثم جاءت قصة هود مثالاً لذلك.
ومشركو مكة إذا تذكروا في حالهم وحال عاد وجدوا الحالين متماثلين فيجدر بهم أن يخافوا من أن يصيبهم مثل ما أصابهم.


الصفحة التالية
Icon