والاقتصار على ذكر عاد لأنهم أول الأمم العربية الذين جاءهم رسول بعد رسالة نوح العامة وقد كانت رسالة هود ورسالة صالح قبل رسالة إبراهيم عليهم السلام، وتأتي بعد ذكر قصتهم إشارة إجمالية إلى أمم أخرى من العرب كذبوا الرسل في قوله تعالى :﴿ ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ﴾ [ الأحقاف : ٢٧ ] الآية.
وأخو عاد هو هود وتقدمت ترجمته في سورة الأعراف.
وعبّر عنه هنا بوصفه دون اسمه العلَم لأن المراد بالذكر هنا ذكر التمثيل والموعظة لقريش بأنهم أمثال عاد في الإعراض عن دعوة رسول من أمتهم.
والأخ يراد به المشارك في نسب القبيلة، يقولون : يا أخا بني فلان، ويا أخا العرب، وهو المراد هنا وقد يراد بها الملازم والمصاحب، يقال : أخو الحرب وأخو عزمات.
وقال النبي ﷺ لزيد بن حارثة " أنت أخونا ومولانا " وهو المراد في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون ﴾ [ الشعراء : ١٦٠، ١٦١ ].
ولم يكن لوط من نسب قومه أهل سَدُوم.
و﴿ إذْ أنذر ﴾ اسم للزمن الماضي، وهي هنا نصب على البدل من أخا عاد، أي اذكر زمن إنذاره قومه فهي بدل اشتمال.
وذكر الإنذار هنا دون الدعوة أو الارسال لمناسبة تمثيل حال قوم هود بحال قوم محمد ﷺ فهو ناظر إلى قوله تعالى في أول السورة ﴿ والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾ [ الأحقاف : ٣ ].
والأحقاف : جمع حِقْف بكسر فسكون، وهو الرمل العظيم المستطيل وكانت هذه البلاد المسماة بالأحقاف منازل عاد وكانت مشرفة على البحر بين عمان وعدن.
وفي منتهى الأحقاف أرض حضرموت، وتقدم ذكر عاد عند قوله تعالى :﴿ وإلى عاد أخاهم هودا ﴾ في سورة الأعراف ( ٦٥ ).
وجملة وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } معترضة بين جملة ﴿ أنذر ﴾ وجملة ﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ المفسرة بها.
وقد فسرت جملة ﴿ أنذر ﴾ بجملة ﴿ لا تعبدوا إلا الله ﴾ الخ.