فصل
قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾
ذكر المبرّد في الضمير في رأوه قولين أحدهما : أنه عائد إلى غير مذكور وبينه قوله ﴿عَارِضاً﴾ كما قال :﴿مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ﴾ [ فاطر : ٤٥ ] ولم يذكر الأرض لكونها معلومة فكذا هاهنا الضمير عائد إلى السحاب، كأنه قيل : فلما رأوا السحاب عارضاً وهذا اختيار الزجاج ويكون من باب الإضمار لا على شريطة التفسير والقول الثاني : أن يكون الضمير عائداً إلى ما في قوله ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ أي فلما رأوا ما يوعدون به عارضاً، قال أبو زيد العارض السحابة التي ترى في ناحية السماء ثم تطبق، وقوله ﴿مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ قال المفسرون كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياماً فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من وادٍ يقال له المغيث ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ استبشروا و ﴿قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ والمعنى ممطر إيانا، قيل كان هود قاعداً في قومه فجاء سحاب مكثر فقالوا ﴿هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ فقال :﴿بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ﴾ من العذاب ثم بيّن ماهيته فقال :﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ثم وصف تلك الريح فقال :﴿تُدَمّرُ كُلَّ شَىْءٍ﴾ أي تهلك كل شيء من الناس والحيوان والنبات ﴿بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ والمعنى أن هذا ليس من باب تأثيرات الكواكب والقرانات، بل هو أمر حدث ابتداء بقدرة الله تعالى لأجل تعذيبكم ﴿فَأَصْبَحُواْ﴾ يعني عاداً ﴿لاَ يرى إِلاَّ مساكنهم﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :