وقال القرطبى :
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً ﴾
قال المبرد : الضمير في "رَأَوْهُ" يعود إلى غير مذكور ؛ وبيّنه قولُه :"عَارِضاً" فالضمير يعود إلى السحاب ؛ أي فلما رأوا السحاب عارضاً.
ف "عارضاً" نصب على التكرير ؛ سُمِّي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
وقيل : نصب على الحال.
وقيل : يرجع الضمير إلى قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ ﴾ فلما رأوه حسبوه سحاباً يمطرهم، وكان المطر قد أبطأ عنهم، فلما رأوه "مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ" استبشروا.
وكان قد جاءهم من وادٍ جرت العادة أن ما جاء منه يكون غَيْثاً ؛ قاله ابن عباس وغيره.
قال الجوهري : والعارض السحاب يعترض في الأفق ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾ أي ممطر لنا ؛ لأنه معرفة لا يجوز أن يكون صفة لعارض وهو نكرة.
والعرب إنما تفعل مثل هذا في الأسماء المشتقة من الأفعال دون غيرها.
قال جرير :
يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يطلبكم...
لاقى مباعدةً منكم وحِرْمَانَا
ولا يجوز أن يقال : هذا رجل غلامنا.
وقال أعرابي بعد الفطر : رُبَّ صائمة لن تصومه، وقائمة لن تقومه ؛ فجعله نعتاً للنكرة وأضافه إلى المعرفة.
قلت : قوله :"لا يجوز أن يكون صفة لعارض" خلاف قول النحويين، والإضافة في تقدير الاْنفصال، فهي إضافة لفظية لا حقيقية ؛ لأنها لم تفد الأوّل تعريفاً، بل الاْسم نكرة على حاله ؛ فلذلك جرى نعتاً على النكرة.
هذا قول النحويين في الآية والبيت.
ونعت النكرة نكرة.
و"رُبّ" لا تدخل إلا على النكرة.
﴿ بَلْ هُوَ ﴾ أي قال هود لهم.


الصفحة التالية
Icon