اختلفوا في تفسير قوله ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الجن﴾ فقال بعضهم : لما لم يقصد الرسول ﷺ قراءة القرآن عليهم، فهو تعالى ألقى في قلوبهم ميلا وداعية إلى استماع القرآن، فلهذا السبب قال :﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الجن ﴾.
ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا حَضَرُوهُ﴾ الضمير للقرآن أو لرسول الله ﴿قَالُواْ﴾ أي قال بعضهم لبعض ﴿أَنصِتُواْ﴾ أي اسكتوا مستمعين، يقال أنصت لكذا واستنصت له، فلما فرغ من القراءة ﴿وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ﴾ ينذرونهم، وذلك لا يكون إلا بعد إيمانهم، لأنهم لا يدعون غيرهم إلى استماع القرآن والتصديق به إلا وقد آمنوا، فعنده ﴿قَالُواْ يا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كتابا أُنزِلَ مِن بَعْدِ موسى﴾ ووصفوه بوصفين الأول : كونه ﴿مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي مصدقاً لكتب الأنبياء، والمعنى أن كتب سائر الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد والنبوّة والمعاد والأمر بتطهير الأخلاق فكذلك هذا الكتاب مشتمل على هذه المعاني الثاني : قوله ﴿يَهْدِي إِلَى الحق وإلى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾.


الصفحة التالية
Icon