ثم قال :﴿وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ﴾ ومفعول الاستعجال محذوف، والتقدير لا تستعجل لهم بالعذاب، قيل إن النبي ﷺ ضجر من قومه بعض الضجر، وأحب أن ينزل الله العذاب بمن أبى من قومه فأمر بالصبر وترك الاستعجال، ثم أخبر أن ذلك العذاب منهم قريب، وأنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر، وعند نزول ذلك العذاب بهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا، حتى يحسبونها ساعة من نهار، والمعنى أنهم إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ، كأنه ساعة من النهار، أو كأن لم يكن لهول ما عاينوا، أو لأن الشيء إذا مضى صار كأنه لم يكن، وإن كان طويلاً قال الشاعر :
كأن شيئاً لم يكن إذا مضى.. كأن شيئاً لم يزل إذا أنى
واعلم أنه تم الكلام ههنا، ثم قال تعالى :﴿بلاغ﴾ أي هذا بلاغ، ونظيره قوله تعالى :﴿هذا بلاغ لّلنَّاسِ﴾ [ إبراهيم : ٥٢ ] أي هذا الذي وعظتم به فيه كفاية في الموعظة أو هذا تبليغ من الرسل، فهل يهلك إلا الخارجون عن الاتعاظ به والعمل بموجبه، والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى : تم تفسير هذه السورة يوم الأربعاء العشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ٢٩ ـ ٣١﴾


الصفحة التالية
Icon