وإنما كان المسلمون يقولون هذا لأنهم كانوا يأنسون بنزول الوحي (رأيت الذين في قلوبهم مرض) أي ريب وشك (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) أي نظر مغتاظين مغمومين كما قال تعالى (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم) وإنما كانوا يكرهون ذكر القتال لأنهم إذا تأخروا عنه تبين نفاقهم فخافوا القتل
ثم قال تعالى (فأولى لهم) على التهديد وحقيقته وليهم المكروه أي أولى لهم المكروه والعرب تقول
لكل من قارب الهلكة ثم افلت أولى لك أي كدت تهلك كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول أولى لك رمى صيدا فقاربه ثم افلت منه فقال: فلو كان (أولى) يطعم القوم صدتهم * ولكن (أولى) تترك الناس جوعا ٢٤ - ثم قال تعالى (طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) (آية ٢١) قال قتادة أي طاعة الله وقول بالمعروف في حقائق الأمور أي سمع وطاعة خير لهم وقال الخليل وسيبويه أي طاعة وقول معروف أمثل
وفي المعنى قول آخر وهو انه حكى ما كانوا يقولون قبل نزول القتال وقبل الفرض فالمعنى على هذا يقولون منا طاعة وقول معروف ويدل على صحة هذا القول (فإذا عزم الأمر) قال مجاهد أي جد الأمر قال أبو جعفر فالتقدير على هذا فإذا جد الأمر بفرض القتال كرهوا ذلك ثم حذف ٢٥ - ثم قال جل وعز (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) (آية ٢١)
قال قتادة فلو صدقوا الله في الإيمان والجهاد ٢٦ - وقوله جل وعز (فهل عسيتم إن توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) (آية ٢٢)