و اثقلتموهم بالجراح فاعمدوا لأسرهم "فَشُدُّوا الْوَثاقَ" من المأسورين لإظهار ذلتهم لكم، ولئلا ينفلتوا فيلتحقوا باعدائكم ويكونوا أكثر شرا من غيرهم، عليكم، لكم لم تفلتوهم ليكون لكم يد عليهم وليكن شأنكم هذا حتى انتهاء الحرب، فإذا وضعتم السّلاح وتمّ لكم ما أمثلتم "فَإِمَّا" أن تمنوا على أسراكم "مَنًّا بَعْدُ" فتركونهم كرما منكم "وَإِمَّا" أن تفدوهم "فِداءً" فتأخذون المال المتفق عليه منهم أو تبدلونهم بأسراكم، وهذه الآية محكمة غير منسوخة بآية ٥٨ من الأنفال المارة، وهي (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ) ولا بآية السّيف وهي قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) عدد ٣٧ من التوبة الآتية، كما قاله بعض المفسرين، لان للامام الخيار بين أربعة أمور حسبما يراه لا معارض له في ذلك، وهي إما أن يقتل الأسرى، أو يسترقهم، أو يمن عليهم فيطلقهم بلا عوض، أو يفاديهم بالمال أو بأسرى المسلمين، وإلى هذا ذهب ابن عمر وبه قال الحسن وعطاء وأكثر أصحاب وجل العلماء، ومشى عليه الشّافعي والنّووي واحمد واسحق رحمهم اللّه.


الصفحة التالية
Icon