﴿ذلك﴾ يحتمل أن يكون إشارة إلى النصر وهو اختيار جماعة ذكره الواحدي، ويحتمل وجهاً آخر أغرب من حيث النقل، وأقرب من حديث العقل، وهو أنا لما بينا أن قوله تعالى :﴿وللكافرين أمثالها﴾ [ محمد : ١٠ ] إشارة إلى أن قوم محمد عليه الصلاة والسلام أهكلوا بأيدي أمثالهم الذين كانوا لا يرضون بمجالستهم وهو الم من الهلاك بالسبب العام، قال تعالى :﴿ذلك﴾ أي الإهلاك والهوان بسبب أن الله تعالى ناصر المؤمنين، والكافرون اتخذوا آلهة لا تنفع ولا تضر، وتركوا الله فلا ناصر لهم ولا شك أن من ينصره الله تعالى يقدر على القتل والأسر وإن كان له ألف ناصر فضلاً عن أن يكون لا ناصر لهم، فإن قيل كيف الجمع بين قوله تعالى ﴿لاَ مولى لَهُمْ﴾ وبين قوله ﴿مولاهم الحق﴾ [ الأنعام : ٦٢ ] نقول المولى ورد بمعنى السيد والرب والناصر فحيث قال :﴿لاَ مولى لَهُمْ﴾ أراد لا ناصر لهم، وحيث قال :﴿مولاهم الحق﴾ أي ربهم ومالكهم، كما قال :﴿يَا أَيُّهَا الناس اتقوا رَبَّكُمُ﴾ [ النساء : ١ ] وقال :﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الأولين﴾ [ الشعراء : ٢٦ ] وفي الكلام تباين عظيم بين الكافر والمؤمن لأن المؤمن ينصره الله وهو خير الناصرين، والكافر لا مولى له بصيغة نافية للجنس، فليس له ناصر وإنه شر الناصرين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ٤٢ ـ ٤٤﴾