فصل
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿مَّثَلُ الجنة التى وُعِدَ المتقون ﴾.
لما بيّن الفرق بين الفريقين في الاهتداء والضلال بيّن الفرق بينهما في مرجعهما ومآلهما، وكما قدم من على البينة في الذكر على من اتبع هواه، قدم حاله في مآله على حال من هو بخلاف حاله، وفي التفسير مسائل :
المسألة الأولى :
قوله تعالى :﴿مَّثَلُ الجنة﴾ يستدعي أمراً يمثل به فما هو ؟ نقول فيه وجوه : الأول : قول سيبويه حيث قال المثل هو الوصف معناه وصف الجنة، وذلك لا يقتضي ممثلاً به، وعلى هذا ففيه احتمالان أحدهما : أن يكون الخبر محذوفاً ويكون ﴿مَّثَلُ الجنة﴾ مبتدأ تقديره فيما قصصناه مثل الجنة، ثم يستأنف ويقول ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾، وكذلك القول في سورة الرعد يكون قوله تعالى :﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار﴾ [ الرعد : ٣٥ ] ابتداء بيان والاحتمال الثاني : أن يكون فيها أنهار وقوله ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا﴾ خبراً كما يقال صف لي زيداً، فيقول القائل : زيد أحمر قصير، والقول الثاني : أن المثل زيادة والتقدير : الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار.