قال الزجاج قوله تعالى :﴿كَمَنْ هُوَ خالد فِى النار﴾ راجع إلى ما تقدم كأنه تعالى قال : أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار فهل هو صحيح أم لا ؟ نقول لنا نظر إلى اللفظ فيمكن تصحيحه بتعسف ونظر إلى المعنى لا يصح إلا بأن يعود إلى ما ذكرناه، أما التصحيح فبحذف كمن في المرة الثانية أو جعله بدلاً عن المتقدم أو بإضمار عاطف يعطف ﴿كَمَنْ هُوَ خالد﴾ على ﴿كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ﴾ أو ﴿كَمَنْ هُوَ خالد فِى النار﴾، وأما التعسف فبيّن نظراً إلى الحذف وإلى الإضمار مع الفاصل الطويل بين المشبه والمشبه به، وأما طريقة البدل ففاسدة وإلا لكان الاعتماد على الثاني فيكون كأنه قال : أفمن كان على بينة كمن هو خالد ؟ وهو سمج في التشبيه تعالى كلام الله عن ذلك، والقول في إضمار العاطف كذلك لأن المعطوف أيضاً يصير مستقلاً في التشبيه، اللّهم إلا أن يقال المجموع بالمجموع كأنه يقول : أفمن كان على بينة من ربه، وهو في الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار، كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار، وعلى هذا تقع المقابلة بين من هو على بينة من ربه، وبين من زين له سوء عمله، وبين من في الجنة وبين من هو خالد في النار، وقد ذكرناه فلا حاجة إلى خلط الآية بالآية، وكيف وعلى ما قاله تقع المقابلة بين من هو في النار وسقوا ماءً حميماً وبين من هو على بينة من ربه وأية مناسبة بينهما، بخلاف ما ذكرناه من الوجوه الآخر فإن المقابلة بين الجنة التي فيها الأنهار وبين النار التي فيها الماء الحميم وذلك تشبيه إنكار مناسب.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon