وقوله تعالى :﴿ فأولى لهم ﴾ الآية، " أولى " : وزنه أفعل، من وليك الشيء يليك. وقالت فرقة وزنه : أفلع، وفيه قلب، لأنه مشتق من الويل، والمشهور من استعمال " أولى " : أنك تقول : هذا أولى بك من هذا، أي أحق، وقد تستعمل " أولى " فقط على جهة الحذف والاختصار لما معها من القول، فتقول على جهة الزجر والتوعد : أولى لك يا فلان، وهذه الآية من هذا الباب، ومنه قوله تعالى :﴿ أولى لك فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤-٣٥ ]، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه للحسن : أولى لك. وقالت فرقة من المفسرين :" أولى " رفع بالابتداء. و: ﴿ طاعة ﴾ خبره.
وقالت فرقة من المفسرين :﴿ أولى لهم ﴾ ابتداء وخبر، معناه : الزجر والتوعد. ثم اختلفت هذه الفرقة في معنى قوله :﴿ طاعة وقول معروف ﴾ فقال بعضها، التقدير :﴿ طاعة وقول معروف ﴾ أمثل، وهذا هو تأويل مجاهد ومذهب الخليل وسيبويه، وحسن الابتداء بالنكرة لأنها مخصصة، ففيها بعض التعريف. وقال بعضها التقدير : الأمر ﴿ طاعة وقول معروف ﴾، أي الأمر المرضي لله تعالى. وقال بعضها التقدير قولهم لك يا محمد على جهة الهزء والخديعة ﴿ طاعة وقول معروف ﴾ فإذا عزم الأمر كرهوه، ونحو هذا من التقدير قاله قتادة. وقال أيضاً ما معناه : إن تمام الكلام الذي معناه الزجر والتوعد ب " أولى ". وقوله ﴿ لهم ﴾ ابتداء كلام، ف ﴿ طاعة ﴾ على هذا القول : ابتداء، وخبره :﴿ لهم ﴾ والمعنى أن ذلك منهم على جهة الخديعة، فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا.
وقوله :﴿ عزم الأمر ﴾ استعارة كما قال :
قد جدت الحرب بكم فجدوا... ومن هذا الباب : نام ليلك ونحوه.
وقوله :﴿ صدقوا الله ﴾ يحتمل أن يكون من الصدق الذي هو ضد الكذب، ويحتمل أن يكون من قولك عود صدق، والمعنى متقارب.
وقوله تعالى :﴿ فهل عسيتم ﴾ مخاطبة لهؤلاء ﴿ الذين في قلوبهم مرض ﴾ أي قل لهم يا محمد.


الصفحة التالية
Icon