وقوله تعالى :﴿ ذلك بأنهم قالوا ﴾ الآية، قيل إنها نزلت في بني إسرائيل الذين تقدم ذكرهم في تفسير قوله :﴿ إن الذين ارتدوا ﴾ وروي أن قوماً من قريظة والنضير كانوا يعدون المنافقين في أمر رسول الله ﷺ والخلاف عليه بنصر وموازرة، وذلك قولهم ﴿ سنطيعكم في بعض الأمر ﴾.
وقرأ جمهور القراء " أَسرارهم " بفتح الهمزة، وذلك على جمع سر، لأن أسرارهم كانت كثيرة. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم " إسرارهم " بكسر الهمزة، وهي قراءة ابن وثاب وطلحة والأعمش، وهو مصدر اسم الجنس.
وقوله تعالى :﴿ فكيف إذا توفتهم ﴾ الآية، يحتمل أن يتوعدوا به على معنيين : أحدهما هذا هلعهم وجزعهم لفرض القتال وفراع الأعداء، ﴿ فكيف ﴾ فزعهم وجزعهم ﴿ إذا توفتهم الملائكة ﴾ ؟ والثاني أن يريد : هذه معاصيهم وعنادهم وكفرهم، ﴿ فكيف ﴾ تكون حالهم مع الله ﴿ إذا توفتهم الملائكة ﴾ ؟ وقال الطبري : المعنى ﴿ والله يعلم أسرارهم فكيف ﴾ علمه بها ﴿ إذا توفتهم الملائكة ﴾. و﴿ الملائكة ﴾ هنا : ملك الموت والمصرفون معه. والضمير في :﴿ يضربون ﴾ ل ﴿ الملائكة ﴾، وفي نحو هذا أحاديث تقتضي صفة الحال ومن قال إن الضمير في :﴿ يضربون ﴾ للكفار الذين يتوفون، فذلك ضعيف. و: ﴿ ما أسخط الله ﴾ هو الكفر. والرضوان هنا : الشرع والحق المؤدي إلى رضوان، وقد تقدم القول في تفسير قوله :﴿ أحبط أعمالهم ﴾.
وقرأ الأعمش :" فكيف إذا توفاهم الملائكة ".
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩)
هذه الآية توبيخ للمنافقين وفضح لهم.


الصفحة التالية
Icon