قال القاضي أبو محمد : وهذا في الحقيقة ليس بتعريف تام، بل هو لفظ يشير إليهم على الإجمال لا أنه سمى أحداً. وأعظم ما روي في اشتهارهم أن رسول الله ﷺ أمر يوماً فأخرجت منهم جماعة من المسجد كأنه وسمهم بهذا لكنهم أقاموا على التبري من ذلك وتمسكوا بلا إله إلا الله فحقنت دماؤهم. وروي عن حذيفة ما يقتضي أن النبي عليه السلام عرفه بهم أو ببعضهم، وله في ذلك كلام مع عمر رضي الله عنه. ثم أخبر تعالى أنه سيعرفهم ﴿ في لحن القول ﴾، ومعناه في مذهب القول ومنحاه ومقصده، وهذا هو كما يقول لك إنسان معتقده وتفهم أنت من مقاطع كلامه وهيئته وقرائن أمره أنه على خلاف ما يقول، وهذا معنى قوله :﴿ في لحن القول ﴾ ومن هذا المعنى قول النبي عليه السلام :" فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض " الحديث أي أذهب بها في جهات الكلام، وقد يكون هذا اللحن متفقاً عليه : أن يقول الإنسان قولاً يفهم السامعون منه معنى، ويفهم الذي اتفق مع المتكلم معنى آخر، ومنه الحديث الذي قال سعد بن معاذ وابن رواحة لرسول الله ﷺ : عضل والقارة وفي هذا المعنى قول الشاعر [ مالك بن أسماء ] :[ الخفيف ]
وخير الحديث ما كان لحنا... أي ما فهمه عنك صاحبك وخفي على غيره، فأخبر الله محمداً رسوله عليه السلام أن أقوالهم المحرفة التي هي على خلاف عقدهم ستتبين له فيعرفهم بها، واحتج بهذه الآية من جعل في التعريض بالقذف.
وقوله تعالى :﴿ والله يعلم أعمالكم ﴾ مخاطبة للجميع من مؤمن وكافر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾