وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَكَيْفَ ﴾ أي فكيف تكون حالهم.
﴿ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة يَضْرِبُونَ ﴾ أي ضاربين ؛ فهو في موضع الحال.
ومعنى الكلام التخويف والتهديد ؛ أي إن تأخر عنهم العذاب فإلى انقضاء العمر.
وقد مضى في "الأنفال والنحل".
وقال ابن عباس : لا يتوفى أحد على معصية إلا بضرب شديد لوجهه وقفاه.
وقيل : ذلك عند القتال نُصْرَةً لرسول الله ﷺ، بضرب الملائكة وجوههم عند الطلب وأدبارهم عند الهرب.
وقيل : ذلك في القيامة عند سَوْقهم إلى النار.
قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ ﴾ أي ذلك جزاؤهم.
﴿ بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَآ أَسْخَطَ الله ﴾ قال ابن عباس : هو كتمانهم ما في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم.
وإن حُملت على المنافقين فهو إشارة إلى ما أضمروا عليه من الكفر.
﴿ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ ﴾ يعني الإيمان.
﴿ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي ما عملوه من صدقة وصلة رحم وغير ذلك ؛ على ما تقدّم.
قوله تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ نفاق وشك، يعني المنافقين.
﴿ أَن لَّن يُخْرِجَ الله أَضْغَانَهُمْ ﴾ الأضغان ما يُضمر من المكروه.
واختلف في معناه ؛ فقال السدّي : غِشّهم.
وقال ابن عباس : حسدهم.
وقال قُطْرُب : عدوانهم ؛ وأنشد قول الشاعر :
قل لاْبن هند ما أردت بمنطق...
ساء الصديق وشيّد الأضغانا
وقيل : أحقادهم.
واحدها ضِغن.
قال :
وذي ضغن كففت النفس عنه...
وقد تقدم.
وقال عمرو بن كلثوم :
وإن الضغن بعد الضغن يفشو...
عليك ويُخرج الداء الدفينا
قال الجوهريّ : الضغن والضغينة : الحقد.
وقد ضغِن عليه ( بالكسر ) ضِغناً.
وتضاغن القومُ واضطغنوا : أبطنوا على الأحقاد.
واضطغنت الصبيَّ إذا أخذته تحت حضنك.
وأنشد الأحمر :
كأنّه مُضْطَغِنٌ صبِيّا...
أي حامله في حجره.
وقال ابن مُقْبل :
إذا اضطغنتُ سلاحي عند مَغْرِضها...
ومِرفقٍ كرِئاس السيف إذ شَسَفَا


الصفحة التالية
Icon