وثالثها : الأمر الذي لا يهتدي لا إلى حسنه ولا إلى قبحه، بل يراه كالعبث الخالي عن المنفعة والمضرة وهو مثل أفعال الحج من السعي بين الصفا والمروة، فذكر الله تعالى هذا القسم عقيب القسمين الأولين ليكون قد نبه على جميع أقسام تكالي فهو ذاكراً لكلها على سبيل الاستيفاء والاستقصاء والله أعلم. أ هـ
﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٤٢ ـ ١٤٣﴾
قوله تعالى ﴿مِنْ شَعَائِرِ﴾
قال الفخر :
الشعائر إما أن نحملها على العبادات أو على النسك، أو نحملها على مواضع العبادات والنسك، فإن قلنا بالأول حصل في الكلام حذف، لأن نفس الجبلين لا يصح وصفهما بأنهما دين ونسك، فالمراد به أن الطواف بينهما والسعي من دين الله تعالى، وإن قلنا بالثاني استقام ظاهر الكلام، لأن هذين الجبلين يمكن أن يكونا موضعين للعبادات والمناسك وكيف كان فالسعي بين هذين الجبلين من شعائر الله ومن أعلام دينه، وقد شرعه الله تعالى لأمة محمد ـ ﷺ ـ ولإبراهيم ـ عليه السلام ـ قبل ذلك، وهو من المناسك الذي حكى الله تعالى عن إبراهيم ـ عليه السلام ـ أنه قال :﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ [البقرة : ١٢٨]
واعلم أن السعي ليس عبادة تامة في نفسه بل إنما يصير عبادة إذا صار بعضاً من أبعاض الحج، فلهذا السر بين الله تعالى الموضع الذي فيه يصير السعي عبادة فقال :﴿فَمَنْ حَجَّ البيت أَوِ اعتمر فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. أ هـ
﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٤٣﴾


الصفحة التالية
Icon