فائدة
أخرج البخاري عن عروة قال : سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت لها : أرأيت قول الله تعالى :" إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة ؟ قالت : بئس ما قلت يا بن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله ـ ﷺ ـ عن ذلك قالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى :" إن الصفا والمروة من شعائر الله" الآية. قالت عائشة رضي الله عنها : وقد سن رسول الله ـ ﷺ ـ الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.

فصل


ظاهر قوله تعالى :﴿لا جُنَاحَ عَلَيْهِ﴾ أنه لا إثم عليه، والذي يصدق عليه أنه لا إثم في فعله يدخل تحته الواجب والمندوب والمباح، ثم يمتاز كل واحد من هذه الثلاثة عن الآخر بقيد زائد، فإذن ظاهر هذه الآية لا يدل على أن السعي بين الصفا والمروة واجب، أو ليس بواجب، لأن اللفظ الدال على القدر المشترك بين الأقسام لا دلالة فيه البتة على خصوصية من الرجوع إلى دليل آخر، إذا عرفت هذا فنقول : مذهب الشافعي رحمه الله أن هذا السعي ركن، ولا يقوم الدم مقامه، وعند أبي حنيفة رحمه الله أنه ليس بركن، ويقوم الدم مقامه، وروي عن ابن الزبير ومجاهد وعطاء، أن من تركه فلا شيء عليه، حجة الشافعي رضي الله عنه من وجوه.


الصفحة التالية
Icon