قال ابن شهاب الزهري: فأمر رسول الله ( ﷺ ) الناس فقال:" اسلكوا ذات اليمين " بين ظهري الحمض في طريق على ثنية المرار، مهبط الحديبية من أسفل مكة ; قال: فسلك الجيش ذلكالطريق. فلما رأت خيل قريش قترة الجيش، قد خالفوا عن طريقهم، رجعوا راكضين إلى قريش. وخرج رسول الله ( ﷺ ) حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته. فقال الناس: خلأت الناقة. فقال:" ما خلأت. وما هو لها بخلق. ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة. لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها " - [ وفي رواية البخاري ]:" والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إياها ". ثم قال للناس:" انزلوا " قيل له: يا رسول الله، ما بالوادي ماء ينزل عليه. فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه. فنزل في قليب من تلك القلب، فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء..
فلما اطمأن رسول الله ( ﷺ ) أتاه بديل بن ورقاء الخزاعي، في رجال من خزاعة، فكلموه، وسألوه ما الذي جاء به ؟ فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا، وإنما جاء زائرا للبيت، ومعظما لحرمته. ثم قال لهم نحوا مما قال لبشر بن سفيان ; فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش، إنكم تعجلون على محمد. إن محمدا لم يأت لقتال، وإنما جاء زائرا لهذا البيت. فاتهموهم وجبهوهم، وقالوا: وإن كان جاء ولا يريد قتالا. فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا، ولا تحدث بذلك عنا العرب.


الصفحة التالية
Icon