وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله ( ﷺ ) مسلمها ومشركها، لا يخفون عنه شيئا كان بمكة. ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بني عامر بن لؤي. فلما رآه رسول الله ( ﷺ ) مقبلا قال:" هذا رجل غادر ". فلما انتهى إلى رسول الله ( ﷺ ) وكلمه، قال له رسول الله ( ﷺ ) نحوا مما قال لبديل وأصحابه ; فرجع إلى قريش، فأخبرهم بما قال له رسول الله ( ﷺ ) ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان. وكان يومئذ سيد الأحابيش، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة. فلما رآه رسول الله ( ﷺ ) قال:" إن هذا من قوم يتألهون - يعني يتعبدون - فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه ". فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع إلى قريش، ولم يصل إلى رسول الله ( ﷺ ) إعظاما لما رأى. فقال لهم ذلك. فقالوا له: إجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك !
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك. وقال: يا معشر قريش، والله ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم. أيصد عن بيت الله من جاء معظما له ؟ والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد. قال: فقالوا له: مه. كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.