قال الزهري: ثم بعثوا إلى رسول الله ( ﷺ ) عروة بن مسعود الثقفي فقال: يا معشر قريش، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذا جاءكم، من التعنيف وسوء اللفظ. وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد - وكان نسبه لأمه في بني عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم، فجمعت من أطاعني منقومي، ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي. قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم. فخرج حتى جاء رسول الله ( ﷺ ) فجلس بين يديه. ثم قال: يا محمد. أجمعت أوشاب الناس، ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟ إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا. وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا. قال: وأبو بكر خلف رسول الله ( ﷺ ) قاعد. فزجره وقال: أنحن نكشف عنه ؟ قال: من هذا يا محمد ؟ قال:" هذا ابن أبي قحافة ". قال. أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها. ولكن هذه بها. قال: ثم جعل يتناول لحية رسول الله ( ﷺ ) وهو يكلمه. قال: والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله ( ﷺ ) في الحديد. قال: فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله ( ﷺ ) ويقول: أكفف يدك عن وجه رسول الله ( ﷺ ) قبل أن لا تصل إليك ! قال: فيقول عروة: ويحك ! ما أفظك وأغلظك ! قال: فتبسم رسول الله ( ﷺ ) فقال له عروة: من هذا يا محمد ؟ قال:" هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ". قال: أي غُدَر. وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس ؟
قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين. والأحلاف رهط المغيرة. فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية. وأصلح ذلك الأمر.


الصفحة التالية
Icon