وان جبريل عليه السّلام قال لرسول اللّه لما ذا تعاقب خالدا وهو إنما فعل لإبرار قسمك، وذلك أن صلّى اللّه عليه وسلم لما رأي حمزة ممثلا به في واقعة أحد أخذته الحدة وقال واللّه لأمثلن بسبعين منهم، وهناك أنزلت الآيات من آخر سورة النّحل التي أولها (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا) إلخ كما المعنا إليه في الآية ١٢٢ من آل عمران المارة فراجعها.
وقتل من المسلمين ثلاثة : سلمة بن الميلاد الجهني وكرز بن جابر وخنيس ابن
خالد بن الوليد.
أما الّذين هدر دمهم رسول اللّه فهم : عبد اللّه بن سعد بن
أبي سرح لارتداده عن الإسلام فاستاء منه أخوه من الرّضاع عثمان بن عفان وعبد اللّه بن حنظلة لأنه قتل مولاه المسلم واتخذ مغنيتين تهجوان حضرة الرّسول قتلت إحداهما واستأمنت الأخرى رسول اللّه فأمتها، والحويرث بن فضيل بن وهب لشدة إيذائه حضرة الرّسول، ومقيس بن خبابة لقتله الأنصاري وارتداده، وسارة مولاه بني عبد المطلب لأنها كانت مبالغة في إيذائه بلسانها فاستأمنت الرّسول فأمنها وعكرمة بن أبي جهل، وقد استأمنت له حضرة الرّسول زوجته أم حكيم بن الحارث فأمنها، ثم جاءت أم هاني لنستأمن رسول اللّه على رجلين أراد على قتلهما فقال مرحبا وأهلا قد أجرنا من آجرت.
ثم دخل صلّى اللّه عليه وسلم البيت المكرم فطاف به وصلّى وأخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة وفتحها، فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها وطرحها ثم وقف على بابها فقال : لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
ألا كلّ مأثرة أو دم أو ما يدعى فهو تحت قدمي هذين، إلا سدانة البيت (التي ألمعنا إليها في الآية ٥٨ من آل عمران فراجعها) وسقاية الحاج، الا وقتل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدّية مغلظة مئة من الإبل أربعون منها خلفة في بطونها أولادها.