يا معشر قريش إن اللّه قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) الآية ١٣ من سورة الحجرات المارة يا معشر قريش ما ترون إني فاعل بكم ؟ قالوا خير أخ كريم وابن أخ كريم، قال فاذهبوا فأنتم الطّلقاء.
فأعتقهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ثم جلس فبايعه النّاس على الإسلام والنّصرة، وثم له الفتح على هذه الصّورة.
ثم ظنت الأنصار أنه يقيم بمكة بعد أن أتم اللّه له وعده ويتركهم فنظر فرآهم يتنابسون بذلك، فقال لهم ما معناه كلا إن الحياة معكم والموت معكم، فاطمأنت نفوسهم وامر على مكة أسيدا وعاد إلى المدينة ومن أراد زيادة إيضاح قصة الفتح فعليه بمراجعة السّير.
وهذا الفتح الواقع من طريق الغزو والجهاد "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ" إذ رتب عليه هذا الأجر العظيم لك يا سيد الرّسل، لأن ثواب الجهاد أعظم ثواب، فأجدر أن يكون سببا لمحو ما فرط
منك قبله وانطماس ما سيفرط منك بعده من كلّ ما تعده ذنبا بالنسبة لمقامك الكريم وإلّا فإن اللّه قادر على أن يفتح لك البلاد ويخضع لك العباد دون غزو أو جهاد ولكن ليكون سنة لمن بعدك ويكون ثوابه كفارة للذنوب لهم أيضا.
وقد بينا ما يتعلق في ذنوب الأنبياء في الآية ١٦ من سورة البقرة المارة.