واعلم أن من قال أن الدّاعيين أبو بكر وعمر استدل على صحة خلافتهما، إذ وعد المدعوين بالثواب على طاعة الدّاعين وليس بشيء، وخلافتهما لا يمتري فيها إلّا منافق أو حسود فاسق.
ولما سمع الزمنى والمرضى والعرج والعميان هذه الآية قالوا كيف حالنا يا رسول اللّه ؟ فأنزل اللّه جل شأنه "لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ" في التخلف عن الجهاد لعدم قدرتهم على الكر والفر ويدخل في هذه الآية الفقير الذي لا يمكنه استصحاب ما يلزمه من أدوات الجهاد ولم يمنحه الإمام أو الأمير شيئا يكفيه لذلك ويدخل في هذه الآية من يمرض المريض كما سيأتي في الآيتين ٩٣ و٩٤ من سورة التوبة الآتية، أما ما جاء في آية النّور ٦٢ المارة المضاهية لهذه الآيات من حيث اللّفظ فهي في حق الأكل لا في حق الجهاد إذ كلّ منها جاءت لمناسبة ما قبلها "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ" عن
أمرهما ويعرض عنهما "يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً" (١٧) في الدنيا والآخرة.