قال تعالى "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ" من الصّدق والإخلاص في بيعتهم لك والوفاء بما عاهدوك به وواثقوك عليه، لأنهم صرحوا بالموت وعدم الفرار في مبايعتهم وما بعد هذا من وفاء كما علم ما في قلوب المنافقين من الشّك والنّفاق والظّن السّيء "فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ" وثبتهم واطمأنت نفوسهم "وَأَثابَهُمْ" على ذلك "فَتْحاً قَرِيباً" (١٨) لأراضي خيبر وقراهم "وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها" منها ومن غيرها فيما يأتي من الزمن إلى يوم القيامة إن شاء اللّه "وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً" (١٩) ولم يزل كذلك على الدّوام والاستمرار "وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ" مغانم خيبر لتسدوا حاجتكم فيها، وهي في جنب ما يأتيكم بعد قليل من كثير، وفيها إشارة إلى كثرة
الفتوحات والغنائم التي يعطيهم اللّه تعالى إيّاها في المستقبل "وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ" أي أهل خيبر إذ وقع في قلوبهم الرّعب فلم يجرؤا على قتالكم، وكذلك حلفاؤهم أسد وغطفان كفّهم عنكم وألقى في قلوبهم الرّعب فمالوا إلى الصّلح كما سيلقيه في قلوب أهل مكة فيستسلمون لكم "وَلِتَكُونَ" هذه الفتوحات والغنائم "آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ" وعبرة يعرفون بها مكانتهم عند اللّه وضمانة لهم بالنصر والفتح وعظة لأعدائكم كي لا يجرءوا على مقابلتكم، ودلالة على صدق ما وعد الرّسول بذلك وإيقانا بأن إخباره بالغيب حق وصدق ثابت واقع لا مرية فيه، فيزدادوا إيمانا ويقينا بما يخبر "وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً" (٢٠) بمنه وفضله