أخرج مسلم عن أنس رضي اللّه عنه أن ثمانين رجلا من أهل مكة (يوم الحديبية) هبطوا على رسول اللّه من جبل النّعيم مسلحين يريدون الغدر برسول الله صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سبايا فاستحياهم وقال عبد اللّه بن معقل المزني هم ثلاثون شابا، فدعا عليهم رسول اللّه فأخذ اللّه أبصارهم وأخذناهم ثم خلى سبيلهم رسول اللّه، فنزلت هذه الآية بمعرض المن على رسول اللّه من ربه عزّ وجل قال تعالى "هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ" ومنعوكم من دخوله "وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً" محبوسا وممنوعا عن "أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ" الذي يذبح فيه تقربا إلى اللّه "وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ" ستضعفون عند أهل مكة "لَمْ تَعْلَمُوهُمْ" أثناء القتال لو فرض إيقاعه فيوشك "أَنْ تَطَؤُهُمْ" فتوقعوا بهم القتل لعدم معرفتكم بهم بسبب اختلاطهم مع أعدائكم أو تتسببوا بقتلهم من قبل أعدائكم انتقاما "فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ" اثم عظيم بسبب قتلهم وتغريمكم دينهم والزامكم الكفارات بسبب قتلكم إياهم "بِغَيْرِ عِلْمٍ" منكم بأنهم مؤمنون لاختلاطهم مع الكفار، فلو لا هذا لما القى في قلوبهم قبول الصّلح الذي فيه اجحاف عليكم فقبلتموه على علاته، والا لأذن لكم بالقتال في بطن مكة ليس في حرمها فقط، ولدخلتم مكة عنوة بإذن اللّه وحاربتموهم في عقر دارهم وتوفقتم عليهم وأديتم الزيارة التي جئتم لأجلها رغما عنهم، ولكن لم بأذن اللّه لكم في ذلك وحال دون هذه الواقعة المنصورة خوف إضرار أولئك


الصفحة التالية
Icon