المساكين وعدم تأثيمكم، ولوجود أناس من الكفار علم اللّه أنهم سيؤمنون بعد، إذ لم يحن الوقت المقدر لإيمانهم، كما أن فتح مكة لم يأت أجله ولم يفعل اللّه تعالى ذلك إلا "لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ" من أهل مكة الّذين ما نعوكم من دخولها فيهديهم للأسلام، وقد كان ذلك، أما إنهم "لَوْ تَزَيَّلُوا" تفرقوا وامتازوا المؤمن من الكافر وأمن ذلك المحذور "لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً" (٢٥) بأن هديناكم للقتال ومنعناكم من قبول الصّلح ونصرناكم عليهم سبيا وجلاء وقتالا، ولكن لم يرد اللّه هذا لما ذكر.
ثم ذم اللّه الكفرة على ما وقع منهم أثناء كتابة
الصّحيفة بما اتفق عليه من الصّلح بقوله "إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ" الأنفه والاستكبار، إذ لم يقروا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ولا محمد رسول اللّه محتجين بعدم اعترافهم بهما، مع أنهما حق صريح لأن اللّه أنزل البسمة على رسوله وشرفه بالرسالة، وقد أخبرهم بذلك، ولكن تعاظمهم أبى عليهم قبول الحق حتى في الكتابة ثم أنهم لم يتركوهم ليزوروا البيت ويذبحوا هديهم فيه لئلا يقال أنهم غبنوا في ذلك ورغموا عليه ثم انهم اشترطوا على محمد أن يرد من جاءه منهم ولم يردوا من جاءهم من أصحابه.