قوله ﴿لّيَغْفِرَ لَكَ الله﴾ ينبىء عن كون الفتح سبباً للمغفرة، والفتح لا يصلح سبباً للمغفرة، فما الجواب عنه ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه : الأول : ما قيل إن الفتح لم يجعله سبباً للمغفرة وحدها، بل هو سبب لاجتماع الأمور المذكورة وهي : المغفرة، وإتمام النعمة والهداية والنصرة، كأنه تعالى قال : ليغفر لك الله ويتم نعمته ويهديك وينصرك، ولا شك أن الاجتماع لم يثبت إلا بالفتح، فإن النعمة به تمت، والنصرة بعده قد عمت الثاني : هو أن فتح مكة كان سبباً لتطهير بيت الله تعالى من رجس الأوثان، وتطهير بيته صار سبباً لتطهير عبده الثالث : هو أن بالفتح يحصل الحج، ثم بالحج تحصل المغفرة، ألا ترى إلى دعاء النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال في الحج :" اللّهم اجعله حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً " الرابع : المراد منه التعريف تقديره إنا فتحنا لك ليعرف أنك مغفور، معصوم، فإن الناس كانوا علموا بعد عام الفيل أن مكة لا يأخذها عدو الله المسخوط عليه، وإنما يدخلها ويأخذها حبيب الله المغفور له.
المسألة الثالثة :
لم يكن للنبي ﷺ ذنب، فماذا يغفر له ؟ قلنا الجواب عنه قد تقدم مراراً من وجوه أحدها : المراد ذنب المؤمنين ثانيها : المراد ترك الأفضل ثالثها : الصغائر فإنها جائزة على الأنبياء بالسهو والعمد، وهو يصونهم عن العجب رابعها : المراد العصمة، وقد بينا وجهه في سورة القتال.
المسألة الرابعة :