يكلمه المؤمنون مدة، وما ذكره الله علامة لظهور حال من كان منافقاً، فإن كان ظهر حالهم بغير هذا، فلا معنى لجعل هذا علامة وإن ظهر بهذا الظهور كان في زمان النبي ﷺ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لو امتنع من قبولهم لاتباعه لامتنع أبو بكر وعمر لقوله تعالى :﴿واتبعوه﴾ [ الأعراف : ١٥٨ ] وقوله ﴿فاتبعوني﴾ [ مريم : ٤٣ ] فإن قيل هذا ضعيف لوجهين أحدهما : أن النبي ﷺ قال :﴿لَّن تَتَّبِعُونَا﴾ [ الفتح : ١٥ ] وقال :﴿لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا﴾ [ التوبة : ٨٣ ] فكيف كانوا يتبعونه مع النفي ؟ الثاني : قوله تعالى :﴿أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ ولم يبق بعد ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام حرب قوم أولي بأسٍ شديد فإن الرعب استولى على قلوب الناس ولم يبق الكفار بعده شدة وبأس، واتفاق الجمهور يدل على القوة والظهور، نقول أما الجواب عن الأول فمن وجهين أحدهما : أن يكون ذلك مقيداً، تقديره : لن تخرجوا معي أبداً وأنتم على ما أنتم عليه، ويجب هذا التقييد لأنا أجمعنا على أن منهم من أسلم وحسن إسلامه بل الأكثر ذلك، وما كان يجوز للنبي ﷺ أن يقول لهم لستم مسلمين لقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon