﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ أي من دون رؤيا النبي ﷺ فتح خيبر ؛ قاله ابن زيد والضحاك.
وقيل فتح مكة.
وقال مجاهد : هو صلح الحديبية ؛ وقاله أكثر المفسرين.
قال الزهري : ما فتح الله في الإسلام كان أعظم من صلح الحديبية ؛ لأنه إنما كان القتال حين تلتقي الناس، فلما كانت الهدنة وضعت الحرب أوزارها وأمن الناس بعضهم بعضاً ؛ فالتقوا وتفاوضوا الحديث والمناظرة.
فلم يُكَلَّم أحد بالإسلام يعقل شيئاً إلا دخل فيه، فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثلُ ما كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر.
يدلّك على ذلك أنهم كانوا سنة ستٍّ يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة، وكانوا بعد عام الحديبية سنة ثمان في عشرة آلاف.
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ﴾
يعني محمداً ﷺ ﴿ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ ﴾ أي يُعْليه على كل الأديان.
فالدين اسم بمعنى المصدر، ويستوي لفظ الواحد والجمع فيه.
وقيل : أي ليظهر رسوله على الدين كله ؛ أي على الدين الذي هو شَرْعه بالحجة ثم باليد والسيف ؛ ونسخ ما عداه.
﴿ وكفى بالله شَهِيداً ﴾ "شَهِيداً" نصب على التفسير، والباء زائدة ؛ أي كفى الله شهيداً لنبيّه ﷺ ؛ وشهادته له تبيّن صحة نبوّته بالمعجزات.
وقيل :"شَهِيداً" على ما أرسل به ؛ لأن الكفار أبَوْا أن يكتبوا :"هذا ما صالح عليه محمد رسول الله". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon