وأشهر أسمائه صلّى الله عليه وسلّم (محمد) و(أحمد)، وهما اسمان من أسماء الأعلام التي يراد بها التمييز بين الأشخاص، وكل منهما ومن بقية أسمائه يشتمل على معنى من معاني الفضل.
ومن تأمل علم أنه ليس من أسماء الناس اسم يجمع من [معاني صفات الحمد] [١] ما يجمعه هذان الاسمان، فأحمد اسم منقول من صفة لأفعل، وتلك الصفة - أفعل - التي يراد بها التفضيل، فمعنى أحمد : أي أحمد الحامدين لربه.
والأنبياء عليهم السلام كلهم حامدون للَّه تعالى، إلا أن نبينا صلّى الله عليه وسلّم أكثرهم حمدا، فيكون هو الأحق بالحمد، ومحمد هو البليغ في الحمد، فمن سمّي بهذين الاسمين فقد سمّي بأجمع الأسماء لمعاني الفضل.
يقال رجل محمد ومحمود، إذا كثرت خصاله المحمودة، ومعنى الاسمين واحد، فإنّ وصف الشخص بأنه أحق بالحمد مبالغة في حمده، والمبالغة في حمده تقدير له في الحمد على من لا يبالغ في حمده، فأحمد على هذا هو محمد، ومحمد أحمد.
وقد ذكر الله جل جلاله هذين في كتابه فقال تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله ٤٨ : ٢٩ [٢]، وقال : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ ٣ : ١٤٤ [٣]، وقال : وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ٦١ : ٦ [٤].
وخرّج الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - في صحيحه من حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم ؟ - يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمد [٥]. وخرّج النسائي أيضا، وذكر أبو الربيع بن سالم أنه روي عن عبد المطلب إنما سماه صلّى الله عليه وسلّم محمدا لرؤيا رآها، زعموا أنه رأى في منامه سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض، وطرف المشرق وطرف في
[١] ما بين القوسين غير واضح في التصوير من النسخة (خ) ولعل ما أثبتناه هو المناسب.
[٢] من الآية ٢٩/ الفتح.
[٣] من الآية ١٤٤/ آل عمران.
[٤] من الآية ٦/ الصف.
[٥] (صحيح البخاري) ج ٢ ص ٢٧٠ باب ما جاء في أسماء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.